
وصفة الكون:
لطالما كان التساؤل عن طبيعة المادة محط اهتمام الفلاسفة و العلماء على مر التاريخ, فما هي الوحدات الأساسية التي يتكون منها كل ما حولنا؟ هل هناك أصل واحد للمادة ؟ أم يختلف من انسان, حيوان و جماد؟ و هل يوجد شيء غير المادة في الكون؟
في هذا المقال سنتعرف على تحليلات الفلاسفة لهاته الاشكاليات, اكتشافات العلماء التاريخية و الحالية اضافة الى تطلعاتهم.
المذهب الذري:
بعد شعور الفيلسوف اليوناني ليوكيبوس-Leucippe بالفضول تجاه ماهية الكون, طرح فرضية امكانية تقسيمه الى قطع أصغر و اصغر الى غاية الوصول لتلك الغير قابلة للانقسام, معتبرا اياها الوحدة الاساسية لبناء الكون, ليقتنع بها بعد ذلك تلميذه ديموقراط-Democrate و يسمي القطعة المذكورة سابقا (Atomos) المعروفة حاليا بالذرة .
لكن .. و لافتقار كلام الفيلسوفين للدلائل و البراهين العلمية, خرج عظماء الفلاسفة انذاك كافلاطون-Plato و ارسطو-Aristote بفرضية مضادة تماما تدور حول امكانية تقسيم المادة الى مالا نهاية, التي كانت بمثابة دحض لفرضية ليوكيبوس و ديموقراط بوجود وحدة أساسية للكون نظرا لقوة أفكار و صيت أصحاب الفرضية المضادة, ما هو تحديدا السبب وراء سيادتها لغاية القرن السابع عشر حيث عبر العالم البريطاني روبرت بويل-Robert Boyle في كتابه الكيميائي المتشكك عن استيائه من بعد طارحي الفرضيات عن النهج العلمي المنطقي أي الاستنتاج المبني على تجارب علمية, ليكون ضد اقتناعهم بنظرية الفيلسوف اليوناني امبيدوكلوس-Empedocle التي تقسم المادة الى أربع عناصر أساسية من ماء, هواء, نار و تربة, قائلا أن المواد التي لا يمكن تقسيمها عن طريق اخضاعها لتدخلات كيميائية أو فيزيائية هي بالضبط التي يمكن اعتبارها عناصر أساسية, فيبدأ العالم بالتحقيق في أقواله و اجراء التجارب على مواد مختلفة, ليتوصلوا فعلا الى أبسط عناصر كالذهب, الحديد, الاكسجين … الخ. بعد حصاد هاته الأبحاث و التجارب القائمة طيلة عقود من الزمن تمكن العالم الروسي ديميتري مانديليف- Dmitri Mendeleev سنة 1869 من جمع كل العناصر الأساسية المكونة للكون المتحصل عليها في جدول واحد يسمى بالجدول الدوري و الذي يمكن التعريف به تقنيا بعنوان “وصفة الكون”.

بعد قيام العالم البريطاني ارنست رذرفورد-Ernest Rutherford سنة 1911 بالتجربة المشهورة في عالم الفيزياء المسماة بتجربة رقاقة الذهب (التي تعتمد على تسليط اشعة الفا على رقاقة من الذهب و ملاحظة سلوكها ). كان نفوذ, انعكاس أو انحراف الأشعة سانحا لرذرفورد باستنتاج أن المادة تتكون أساسيا من جسيمات أقل حجما بكثير من العناصر الأساسية المعلن عليها سابقا ألا و هي “الذرة”, بالاضافة الى نمذجة تركيبها المتمثل في نواة تحتوي على نيكليونات و بروتونات ذات شحنة موجبة , فراغ و حلقة الكترونات مهملة الكتلة مقارنة بالنواة و ذات شحنة سالبة.
فكيف يمكن لمكون واحد أن يساهم في تشكيل المواد باختلافها ؟.. يكمن الاختلاف في عدد البروتونات و النيترونات و الالكترونات , فلكل عنصر عدد معين و ثابت من هذه الأخيرة.

من أجل التأكد من صحة التوصل الى أصغر عنصر و نمذجته تم تحريك الذرات بسرعة تقارب سرعة الضوء و ضمان اصطدامهم ببعض للتحقق من امكانية تفكيكها لقطع أصغر من دونها, حيث تم التأكد من كون الالكترون عنصر أساسي لا يمكن تفكيكه لعناصر أبسط, على عكس البروتونات المكونة من 2 up quark و 1 down quark و النيترونات المكونة من 2 down quark و up quark واحد , فتصبح مكونات الكون أساسيا عبارة عن ثلاثة عناصر هي.. الكترونات, up quark و down quark.
ليبقى التساؤل حول امكانية التوصل لأصغر المكونات اضافة الى الغاء احتمال حصرية تركيب الكون انطلاقا من ذرات,موضوعا قد اثار منذ عدة عقود و لحد الان جدلا في الوسط العلمي عامة و اهتمام علماء الفيزياء الفلكية على وجه الخصوص.. ما سنتطرق اليه في المقالات القادمة..
مقال رائع . واصلي ❤️❤️
شكرا على الدعم
Perfect, 👌
thank uu
بالتوفيق مبدعتنا 💓💪🏻
شكراا جزيلاا
مقال مفيد جدا مشكورة
من دواعي سروري .. العفو