
مقدمة:
على مر السنين كان تحليل النفوس و معرفة ماتخبئه ،مسألة تؤرق الفلاسفة و علماء النفس ، و لطالما نالت هته المواضيع حصة الأسد من البحوث والتجارب و الفرضيات ، و اختلف فيها الفلاسفة و العلماء ، فابتكرو طرقا و فرضيات كثيرة لتحليل الشخصيات و النفوس ومعرفة خفايا الأشخاص و مكبوتاتهم التي تخفيها السنين ، لكن للأسف أغلب الطرق لم تكن كافية لأن ايديولوجية تفكير الانسان معقدة للغاية وهي أعظم من مجرد تعبيرات لا ارادية و ردود فعل عفوية ، أو حتى تلعثمات و كلام يبدو فارغا . و قد آلت الكثير من الاختبارات للزوال و ارتبطت بمدة زمنية قصيرة و اختفت ، و قد كان هرمان رورشاخ على علم بهذا ، ولهذا أراد تقديم اختبار أكثر كمالا و دقة و شمولا و قد كلفه ذلك سنوات من التجارب و البحوث ليكون اختبار بقعة الحبر ثمرة لجهوده الكبيرة.

تعريف اختبار رورشاخ:
يعد هذا الاختبار. من أنجع اختبارات التحليل النفسي وقد سمي بهذا الاسم نسبة الى مبتكره عالم النفس السويسري هرمن رورشاخ ، و الذي استلهمه شعر الألماني جاسينوس كيرنر الواصف لبقع من الحبر ، وقد بدأ هرمن تجاربه على الاطفال في مدارس “زيورخ” سنة 1911 ، و عام 1917 بدأ بتوسيع قاعدة بحوثه ودراسته لتشمل مجموعة من الراشدين و المصابين باضطرابات عقلية ، لينشر دراسة عن التشخيص النفسي أخيرا عام 1921 بعد توصله لعشر بقع حبر ادعى رورشاخ انه انتقاها لتكون الأكثر فعالية لكونه متأثرا بمدرسة التحليل النفسي ، لكن رورشاخ توفي بعد سنة واحد من تقديمه لاختباره النهائي ، لينال الاختبار اهتمام علماء النفس في مختلف انحاء العالم ومن بينهم “مرغريت هرتز” و ” برونو كلوبر ” اللذان ساهمت في تطوير ونشر اختبار رورشاخ بعد قيامهما بدراسات علمية تخص الاختبار و في سنوات 1940 اصبح من الاختبارات المعتمدة للتشخيص النفسي.
آلية عمل الاختبار:
الاختبار عبارة عن عشرة بطاقات من الورق المقوى على كل بطاقة منها بقعة حبر مختلفة بعضها ملون و بعضها بالأبيض و الأسود فقط ، تعرض بالتسلسل في جلسة يحضر فيها الفاحص و المفحوص وسط جو مريح يدعو للاسترخاء وهذا مهم في صحة النتائج ، و يعبر المفحوص عن كل بطاقة على حدى و بامكانه تقليبها في أي زاوية ، و يؤخذ بعين الاعتبار كل أجوبته و ملامحه و توقيت رده و يدون الفاحص كل شيء حتى ما يبدو تافها . بالاضافة الى توجيهه أسئلة للمفحوص لتوضيح و تسهيل التشخيص أكثر ، و بعدها يأتي دور التحليل
و الاستنتاج ، و يقوم الفاحص بتحليل أجوبة و حركات المفحوص بشكل دقيق اعتمادا على بروتوكول ومنهجية الاختبار فيقوم بتشخيص مكبوتات المفحوص و دوافعه و وتفكيره و نفسيته .
